hane-89 المــديـر العــــام
الجـــنــس :
المتصفح : الـمـساهـمـات : 279
الــنــقــاط : 475 الإنتساب : 18/01/2011
| موضوع: عاملو الله في خلقه الخميس يناير 20, 2011 8:18 am | |
| ]عاملو الله في خلقه - أنقل إليكم أحبتي هذه المقالة التي وجدت فيها الخير وأحببت نقله إليكم.
مختصر المقالة:
إن الذي يرصد واقع المعاملات في أمّتنا لابد أن يلاحظ أننا بدأنا نتحرك ببواعث المصلحة بالدرجة الأولى. وإسلامنا لا يَلغي المصالح بل يعتبرها، ولكنه لا يجعلها حاكمة على الأولويّات، لأننا بإيماننا ندرك أننا في معاملاتنا مع الخَلق نعامل الله. والفيصل بين الإيمان والحالة الشكلية الإسلامية الفارغة من الإيمان هو: معاملة الخَلق للخَلق، أو معاملة الخَلق للحقّ المقالة المتفصيل:
عاملوا الله في خلقه خطبة الجمعة للدكتور محمود أبو الهدى الحسيني في الجامع الكبير بحلب بتاريخ 22/10/2010م إن الذي يرصد واقع المعاملات في أمّتنا، ويرصد حركة الإنسان إلى الإنسان، لابد أن يلاحظ أننا - مع كوننا أمّة إيمانية إسلامية قرآنية - بدأنا نتحرك ببواعث المصلحة بالدرجة الأولى. وإسلامنا لا يلغي المصالح بل يعتبرها، لكن المصالح لا تحكم سلوك الإنسان المؤمن، وسِرُّ ذلك أن المؤمن في معاملاته مع الخَلق يعامل ربّه. وهذا هو المفتاح الذي يدلّنا على تفسير سلوكيات السلف الصالح من الجيل الأول وتابعيهم وتابعي تابعيهم. فالإسلام لا يَلغي مصالحك، ولكنه لا يجعل مصلحتك حاكمة على أولويّاتك، لأنك بإيمانك تدرك أنك تريد الله وتعامله. واليوم إذا أطعمنا فإننا في الغالب نُطعِم من أجل مصلحةٍ تكمن وراء هذا الإطعام.. وإذا أخرجنا أموالنا حرّكناها باتجاهٍ يخدم مصالحنا.. وإذا دققنا بألسنتنا وجّهنا كلماتنا توجيهًا يُحصّل لنا في النتيجة مصالحنا... حتى ولو كانت هذه المصالح مُندرِجة في البغي والعدوان، حتى ولو كانت متجاوزةً لحقوق الناس، حتى ولو كانت تعطي لنا أفضليةً أو فوقيةً على الناس.. وعندما تتوجّه السهام لنا فإننا سرعان ما نَردُّها دون أن نتروّى، ودون أن نعلم أن دفاع المؤمن عن نفسه هو أيضًا محكوم بمعاملته لربّه. إذًا: الفيصل بين الإيمان الذي يملأ القلوب والحالة الشكلية الإسلامية الفارغة من الإيمان هو: معاملة الخَلق للخَلق، أو معاملة الخَلق للحقّ. وبعبارة أخرى: معاملة المخلوق من أجل المخلوق، أو معاملة المخلوق من أجل الله. أو تقول: معاملة الخَلق عند الخَلق في الحالة الشكلية الفارغة من الإيمان، ومعاملة الله عند الخَلق في الحالة التي تتعمّر فيها القلوب بالإيمان. ولو أنكم قرأتم كتاب الله تبارك وتعالى فإنكم ستجدون أن القرآن كلَّه يوجّه في مختلف الحالات التي يعالجها معالجة تربوية إلى تغيير الوجهة، ليكون في معاملاته ممن يعامل الله عند خَلقه. وسوف آتِ لكم ببعض الأمثلة القرآنية على سبيل المثال لا الحصر: 1- ففي الإطعام: يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الإنسان: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 8-9]- {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا} والمسكين: ذو المتربة، أي: الذي لم يَعُد في يده إلا التراب. وأين الباحثون اليوم عن المساكين..؟! اليوم يُبحث عن الأثرياء والأغنياء وأصحاب الجاه، أما الباحثون عن المساكين فإنهم لا يبحثون عنهم من أجل مصلحة دنيوية، ولكنهم يبحثون عنهم لأنهم يريدون من خلالهم أن يتقرّبوا إلى الله، فماذا يُقدّم المسكين لك وهو لا يملك إلا التراب؟! - {وَيَتِيمًا} والطفل اليتيم هو الذي لا سند له، ولا مؤازر له، ولا رعاية له، وقد غابت اليد الحنون التي كانت تحميه وتوجّهه في سُبُل الخيرات، فبحثتَ عنه لتكون أنت صاحب اليد التي تحنو عليه. ولقد غاب من ثقافتنا الإسلامية شيء اسمه "كفالة اليتيم"، والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يتحدّث عن كافل اليتيم فيقول: (أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فيْ الجَنَّةِ)، ويضع أصبعه إلى جانب أصبعه. ولكننا حينما غِبنا عن هذه الثقافة أوجدنا دُورًا مُنقطِعة عن المجتمع أسميناها دُور الأيتام، وقلّدنا بهذا الغرب، وهذا لا علاقة له بثقافة الإسلام. فثقافة الإسلام أن تؤويَ في بيتك وضمن أسرتك يتيمًا، وأنت تنظر إليه وترعاه وتعامله على أنه واحد من أولادك، وأنت تريد بهذا أن تعامل الله، وأن تتقرّب إلى الله، فماذا سوف يجلب لك ذلك اليتيم حينما تدخله إلى أسرتك؟ فأين الباحثون عن المساكين؟ أين الباحثون عن اليتامى..؟ - {وَأَسِيرًا} والأسير: عدوٌّ كان يقاتل من أجل أن يُدمّر أرضك، ومن أجل أن يَهتِك عِرضك، ولكنه لما صار أسيرًا في يدك أكرمتَه حتى تُعبّر عن معاملة الله سبحانه وتعالى، لأنه سبحانه يُطعم العدوّ والقريب. فكنتَ في إطعامك لهذا الأسير أنموذجَ المُتخلِّق بأخلاق الرحمن. يُروى في الآثار القديمة أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام نـزل به ضيف على غير دينه، وقال له: تؤويني وتطعمني هذه الليلة؟ فقال له: نعم، إن دخلت في الإسلام. فقال له: أُغيّر ديني من أجل طعامك وإيوائك! لا حاجة بي إلى طعامك ولا إلى إيوائك، وخرج من بيته. فنـزل الوحي على إبراهيم: يا إبراهيم، منذ سبعين سنة وأنا أطعمه وهو على دينه، أما رضيت أن تطعمه ليلة واحدة؟! تلك هي أخلاق الله.. فسعى إليه الخليل ورجاه أن يعود إليه، فقال: ما الذي غيّرك؟ قال: عاتبني فيك ربّي. فقال: إن ربًّا هذه أخلاقُه يستحقُّ أن يُعبد. وهذا نموذج من خلال الإطعام. 2- ما حصل بعد حديث الإفك: يوم لاك الناس بألسنتهم عِرض أمّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، وكان سيدنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه يُنفق على أحد أقربائه، ويعطيه في كل شهر ما يكفيه، فكان هذا الرجل واحدًا ممن وقع في حديث الإفك، وتحدّث في عِرض السيدة عائشة أم المؤمنين بنت الصدّيق أبي بكر، فقطع سيدنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه ما كان يعطيه من الرزق والمال، ولكن القرآن عاتَب أبا بكر. يا سبحان الله! لماذا يُعاتب القرآن الصدّيق أبا بكر وهو مُحقٌّ في الدفاع عن ابنته؟ إنه يريد أن يقول لنا: يا أمة الحبيب المصطفى، عندما توجّهون أموالكم فإنكم توجّهونها من أجل الله، لا من أجل الأغراض، ولا من أجل البواعث النفسانية.. ونـزل قوله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فلا توقفوا إنفاقكم، {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22]. وهكذا وجّه القرآن الصّدّيق أبا بكر رضي الله تعالى عنه من أجل أن يعود إلى إنفاقه، دون أن ينظر إلى ما في نفسه، وقد وقع هذا الرجل في ابنته. أرني اليوم مؤمنًا يقع عدوٌّ فيه ثم هو بعد ذلك يُكرمه..!! المشكلة أننا نعامل الخَلق، لكنهم عامَلوا الله.. وهذا هو الفارق. فلمّا عاملوا الله في خَلقه غابوا عن أفعال الخَلق في أفعال الحقّ. 3- العدالة في الخصومة: وكيف يمكن للإنسان أن يكون في خصومته عادلاً؟ فالنفس تُحرّك الإنسان في الخصومة من أجل أن يكون مُفرِطًا في العداوة وفي الإيذاء. وانظر إلى اثنين في الخصومة، كيف يُبالِغ كل واحد منهما في إيذاء الآخر، وكيف يُبالغ في وصفه بما لا يستحقّه، فإذا ارتكب في حقّه خطأً صغيرًا بالغ في الوصف حتى جعله مجرمًا، وجعله شريرًا، وجعله فاقدًا للمروءة... وهذا هو الخروج عن العدالة في الخصومة.. وسرّ هذا أنه غاب عن الله عند خَلقه، فلو كان حاضر القلب مع الله عند خَلقه لكان عادلاً في الخصومة. وقبل أن نقرأ النصّ القرآنيّ أذكر يوم أن جاء أعرابيٌّ إلى سيدنا عمر رضي الله عنه، فقال له عمر: لا أحبّك، حيث كان في هذا الأعرابيّ من الفظاظة الشديدة والشدّة ما يكرهه عمر. فقال الأعرابيّ: أتمنعك كراهيتك لي من أن تعدل في حقّي؟ أيدفعك بغضك لي إلى حالة لا تنصفني فيها، ولا أنال فيها حقّي؟ فقال عمر: لا. فقال الأعرابيّ: إنما يبكي على الحبّ النساء. فلم يكن عمر رضي الله تعالى عنه في مواقفه مُنجرًّا وراء عواطفه. فالعواطف عند الرجال لا تصنع المواقف، إنما تصنعها المبادئ. وهكذا قرّر القرآن في سورة المائدة هذه الحقيقة في قوله: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] فإيّاكم أن يحملنّكم بُغضكم لقوم على أن تنحرفوا عن العدالة في هذه البغضاء وفي هذه الخصومة. وهكذا يستطيع الإنسان من خلال مراقبته لله، وحضور قلبه مع الله، وملاحظة أفعال الله تبارك وتعالى في خَلقه... أن يُعامل الله في الحبّ وفي البغض، ويستطيع أن يجعل مصالحه منطوية في أحكام الله، وأن يضع نفسه جانبًا من أجل الله. أما قرأتم في كتاب الله تبارك وتعالى قولَ أحد ابنَي آدم عندما قال لأخيه: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} [المائدة: 28]؟ أين البغضاء؟ وأخوه يحمل السلاح ويريد أن يقتله. أين النَفس المتحركة؟ أين البواعث النفسانية..؟ لا... إنما قال: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} إني حاضرٌ في قلبي مع الله.. إني في هذا الفعل أعامل الله.. وهكذا يفترق الإيمان مع الشكليات الإسلامية، ويظهر التباين بين الشكلية الإسلامية المُفرَّغة من الإيمان، والشكلية الإسلامية المُعمَّرة بالإيمان، والمُعمَّرة بالمحبّة، والمُعمَّرة بالخَشية، والمُعمَّرة بمراقبة الله، والمُعمَّرة بالتوجّه إلى الله... وعندها نستطيع ونحن نُعامل الخَلق أن نُعامل الله. رُدّنا اللهم إلى دينك رَدًّا جميلاً، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. أقول هذا القول وأستغفر الله. يمكنكم الاستماع إلى المقالة عبر الرابط التالي: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. المقالة منقولة للفائدة من [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وفيه يمكنكم استماع وقراءة المزيد من المحاضرات والمقالات المفيدة. | |
|
hane-89 المــديـر العــــام
الجـــنــس :
المتصفح : الـمـساهـمـات : 279
الــنــقــاط : 475 الإنتساب : 18/01/2011
| موضوع: قصة سلمان الفارسي - الصحابى سلمان الفارسي الجمعة يناير 21, 2011 5:56 am | |
| قصة سلمان الفارسي - الصحابى سلمان الفارسيقصة سلمان الفارسي - الصحابى سلمان الفارسي
ابن الإسلام سلمان الفارسي إنه الصحابي الجليل سلمان الفارسي، أو سلمان الخير، أو الباحث عن الحقيقة، وكان -رضي الله عنه- إذا سئل مَنْ أنت؟ قال: أنا ابن الإسلام، من بني آدم، وقد اشتهر بكثرة العبادة، وكثرة مجالسته للنبي (، فلم يفارقه إلا لحاجة، وكان النبي ( يحبه حبًّا شديدًا، وسماه أبو هريرة صاحب الكتابين (يعني الإنجيل والفرقان)، وسمَّاه علي بن أبي طالب لقمان الحكيم، وقد آخى النبي ( بينه وبين أبي الدرداء. يقول سلمان -رضي الله عنه- عن نفسه: (كنت رجلاً من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ، وكان أبي دُهْقانها (رئيسها)، وكنت من أحب عباد الله إليه، وقد اجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار (ملازمها) الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة. وكان لأبي ضَيْعَة (أرض)، أرسلني إليها يومًا فخرجت فمررت بكنيسة للنصارى، فسمعتهم يصلُّون، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت لنفسي: هذا خير من ديننا الذي نحن عليه فما برحتهم (تركتهم) حتى غابت الشمس، ولا ذهبت إلى ضيعة أبي، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري من يبحث عني، وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام، وقلت لأبي حين عُدت إليه: إني مررت على قوم يُصلّون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم، ورأيت أن دينهم خير من ديننا، فحاورني وحاورته، ثم جعل في رجلي حديدًا وحبسني. وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت في دينهم، وسألتهم إذا قدم عليهم ركب من الشام أن يخبروني قبل عودتهم إليها؛ لأرحل معهم، وقد فعلوا فحطمت الحديد، وخرجت، وانطلقت معهم إلى الشام، وهناك سألت عن عالمهم فقيل لي: هو الأسقف (رئيس من رؤساء النصارى) صاحب الكنيسة، فأتيته وأخبرته خبري، فأقمت معه أخدم وأصلي وأتعلم، وكان هذا الأسقف رجل سوء في دينه، إذ كان يجمع الصدقات من الناس ليوزعها على الفقراء، ولكنه كان يكتنـزها لنفسه. فلما مات جاءوا بآخر فجعلوه مكانه، فما رأيت رجلاً على دينهم خيرًا منه، ولا أعظم رغبة في الآخرة وزهدًا في الدنيا، ودأبًا على العبادة، فأحببته حبًّا ما علمت أنني أحببت أحدًا مثله قبله، فلما حضره قدره (الموت)، قلت له: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى، فبم تأمرني؟ وإلى مَنْ توصى بي؟ قال: أي بني، ما أعرف من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلاً بالموصل. فلما توفي أتيت صاحب الموصل، فأخبرته الخبر، وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم، ثم حضرته الوفاة، فسألته فدلني على عابد في نصيبين، فأتيته وأخبرته خبري، ثم أقمت معه ما شاء الله أن أقيم، فلما حضرته الوفاة سألته، فأمرني أن ألحق برجل في عمورية من بلاد الروم، فرحلت إليه وأقمت معه، واصطنعت لمعاشي بقرات وغنيمات، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدًا على مثل ما كنا عليه، آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك (أتى عليك) زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفًا، يهاجر إلى أرض ذات نخل بين حرتين، فإن استطعت أن تخلص (تذهب) إليه فافعل، وإن له آيات لا تخفى، فهو لا يأكل الصدقة، ويقبل الهدية، وإن بين كتفيه خاتم النبوة، إذا رأيته عرفته. ومرَّ بي ركب ذات يوم، فسألتهم عن بلادهم فعلمت أنهم من جزيرة العرب، فقلت لهم: أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني معكم إلى أرضكم؟ قالوا: نعم. واصطحبوني معهم حتى قدموا بي وادي القرى، وهناك ظلموني وباعوني إلى رجل من يهود، وأقمت عنده حتى قدم عليه يومًا رجل من يهود بني قريظة، فابتاعني منه، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصِفَتْ لي. وأقمت معه أعمل له في نخله، وإني لفي رأس نخلة يومًا، وصاحبي جالس تحتها، إذ أقبل رجل من بني عمه فقال يخاطبه: قاتل الله بني قيلة (الأوس والخزرج)، إنهم ليقاصفون (يجتمعون) على رجل بقباء قادم من مكة يزعمون أنه نبي، فوالله ما هو إلا أن قالها حتى أخذتني العُرَوَاءُ (ريح باردة)، فرجفت النخلة حتى كدت أسقط فوق صاحبي، ثم نزلت سريعًا أقول ما هذا الخبر؟ فرفع سيدي يده ولكزني لكزة شديدة، ثم قال: مالك ولهذا؟ أقبل على عملك، فأقبلت على عملي. ولما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله ( بقُباء، فدخلت عليه ومعه نفر من أصحابه، فقلت له: إنكم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة، فلما ذُكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به، ثم وضعته، فقال الرسول ( لأصحابه: كلوا باسم الله، وأمسك هو فلم يبسط إليه يدًا، فقلت في نفسي: هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة. ثم رجعت، وعدت إلى الرسول ( في الغداة أحمل طعامًا، وقلت له عليه السلام: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية، ووضعته بين يده، فقال لأصحابه: كلوا باسم الله، وأكل معهم، قلت لنفسي: هذه والله الثانية، إنه يأكل الهدية، ثم رجعت فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته فوجدته في البقيع قد تبع جنازة، وحوله أصحابه وعليه شملتان (الشملة: كساء من الصوف) مؤتزرًا بواحدة، ومرتديًا الأخرى، فسلّمت عليه، ثم عدلت لأنظر أعلى ظهره، فعرف أني أريد ذلك، فألقى بردته عن كاهله، فإذا العلامة بين كتفيه خاتم النبوة، كما وصفه لي صاحبي، فأكببت عليه أقبله وأبكي. ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه، وحدثته كما أحدثكم الآن، ثم أسلمت، وحال الرقُّ بيني وبين شهود (حضور) بدر وأحد، وفي ذات يوم قال الرسول (: (كاتب سيدك حتى يعتقك)، فكاتبته، وأمر الرسول ( الصحابة كي يعاونوني وحرر الله رقبتي، وعشت حُرًّا مسلمًا، وشهدت مع رسول الله ( غزوة الخندق والمشاهد كلها. [أحمد والطبراني]. وكان سلمان هو الذي أشار بحفر الخندق حول المدينة عندما أرادت الأحزاب الهجوم على المدينة، وعندما وصل أهل مكة المدينة، ووجدوا الخندق، قال أبو سفيان: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها. ووقف الأنصار يومها يقولون: سلمان منا، ووقف المهاجرون يقولون: بل سلمان منا، وعندها ناداهم الرسول ( قائلاً: (سلمان منا آل البيت) [ابن سعد]. ومما يحكى عن زهده أنه كان أميرًا على المدائن في خلافة الفاروق عمر، وكان عطاؤه من بيت المال خمسة آلاف دينار، لا ينال منه درهمًا واحدًا، ويتصدق به على الفقراء والمحتاجين، ويقول: (أشتري خوصًا بدرهم فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد درهمًا فيه، وأنفق درهمًا على عيالي، وأتصدق بالثالث، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيتُ) [أبو نعيم]. ويروى أنه كان أميرًا على سرية، فمرَّ عليه فتية من الأعداء وهو يركب حمارًا، ورجلاه تتدليان من عليه، وعليه ثياب بسيطة مهلهلة، فسخروا منه، وقالوا للمسلمين في سخرية وازدراء: هذا أميركم؟ فقيل لسلمان: يا أبا عبد الله ألا ترى هؤلاء وما يقولون؟ فقال سلمان: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم. [ابن سعد]. ومما رُوي في تواضعه أنه كان سائرًا في طريق، فناداه رجل قادم من الشام ليحمل عن متاعه، فحمل سلمان متاع الرجل، وفي الطريق قابل جماعة من الناس فسلم عليهم، فأجابوا واقفين: وعلى الأمير السلام، وأسرع أحدهم نحوه ليحمل عنه قائلا: عنك أيها الأمير، فعلم الشامي أنه سلمان الفارسي أمير المدائن، فأَسْقَطَ ما كان في يديه، واقترب ينتزع الحمل، ولكن سلمان هزَّ رأسه رافضًا وهو يقول: لا، حتى أبلغك منزلك. [ابن سعد]. ودخل صاحب له بيته، فإذا هو يعجن فسأله: أين الخادم؟ فقال سلمان: لقد بعثناها في حاجة، فكرهنا أن نجمع عليها عملين. وحين أراد سلمان بناء بيت له سأل البنَّاء: كيف ستبنيه؟ وكان البنَّاء ذكيًّا يعرف زهد سلمان وورعه، فأجابه قائلاً: لا تخف، إنها بناية تستظل بها من الحر، وتسكن فيها من البرد، إذا وقفت فيها أصابت رأسك، وإذا اضطجعت (نمت) فيها أصابت رجلك. فقال له سلمان: نعم، هكذا فاصنع. وتوفي -رضي الله عنه- في خلافة عثمان بن عفان سنة (35هـ). | |
|